فصل: تفسير الآية رقم (5):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (5):

{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)}
{وَإِنّي خِفْتُ الموالى} هم عصبة الرجل على ما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. ومجاهد، وعن الأصم أنهم بنو العم وهم الذين يلونه في النسب. وقيل: من يلي أمره من ذوي قرابته مطلقًا، وكانوا على سائر الأقوال شرار بني إسرائيل فخاف عليه السلام أن لا يحسنوا خلافته في أمته، والجملة عطف على قوله: {إِنّى وَهَنَ العظم مِنّى} مترتب مضمونها على مضمونه فإن ضعف القوى وكبر السن من مبادي خوفه عليه السلام من يلي أمره بعد موته حسا يدل عليه قوله: {مِنْ} فإن المراد منه بإجماع من علمنا من المفسرين من بعد موتي، والجار والمجرور متعلق حذوف ينساق إليه الذهن أي خفت فعل الموالي من ورائي أو جور المولى؛ وقد قرئ كما في إرشاد العقل السليم كذلك، وجوز تعلقه بالموالي ويكفي في ذلك وجود معنى الفعل فيه في الجملة، فقد قالوا: يكفي في تعلق الظرف رائحة الفعل ولا يشترط فيه أن يكون دالًا على الحدوث كاسم الفاعل والمفعول حتى يتكلف له ويقال: إن اللام في الموالي على هذا موصول والظرف متعلق بصلته وإن مولى مخفف مولى كما قيل في معنى أنه مخفف معنى فإنه تعسف لا حاجة إليه، نعم قالوا في حاصل المعنى على هذا: خفت الذين يلون الأمر من ورائي، ولم يجوز الزمخشري تعلقه بخفت لفساد المعنى، وبين ذلك في «الكشف: بأن الجار ليس صلة الفعل لتعديه إلى المحذور بلا واسطة فتعين أن يكون للظرفية على نحو خفت الأسد قبلك أو من قبلك وحينئذ يلزم أن يكون الخوف ثابتًا بعد موته وفساده ظاهر. وبعضهم رأى جواز التعلق بناء على أن كون المفعول في ظرف مصحح لتعلق ذلك الظرف بفعله كقولك: رميت الصيد في الحرم إذا كان الصيد فيه دون رميك والظاهر عدم الجواز فافهم، وقال ابن جني: هو حال مقدرة من {خِفْتُ الموالى} وعن ابن كثير أنه قرأ {وَمِنْ} بالقصر وفتح الياء كمعصاء.
وقرأ الزهري {خِفْتُ الموالى} بسكون الياء. وقرأ عثمان بن عفان. وابن عباس. وزيد بن ثابت. وعلي بن الحسين. وولداه محمد. وزيد. وسعيد بن العاص. وابن جبير. وأبو يعمر. وشبيل بن عزرة. والوليد بن مسلم لابن عامر {خِفْتُ} بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر تاء التأنيث {الموالى} بسكون الياء على أن {خِفْتُ} من الخفة ضد الثقل ومعنى {مِن وَرَائِى} كما تقدم: والمراد وإني قل الموالي وعجزوا عن القيام بأمور الدين من بعدي أو من الخفوف عنى السير السريع ومعنى {مِن وَرَائِى} من قدامي وقبلي، والمراد وإني مات القادرون على إقامة مراسم الملة ومصالح الأمة وذهبوا قدامي ولم يبق منهم من به تقو واعتضاد فيكون محتاجًا إلى العقب لعجز مواليه عن القيام بعده بما هو قائم به أو لأنهم ماتوا قبله فبقي محتاجًا إلى يعتضد به، وتعلق الجار والمجرور على الوجه الثاني بالفعل ظاهر، وأما على الوجه الأول فإن لوحظ أن عجزهم وقلتهم سيقع بعده لا أنه واقع وقت دعائه صح تعلقه بالفعل أيضًا وإن لم يكن كذلك تعلق بغير ذلك.
{وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا} أي لا تلد من حين شبابها إلى شيبها، فالعقر بالفتح والضم والعقم، ويقال عاقر للذكر والأنثى {فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ} كلا الجارين متعلق بهب واللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازًا، وتقديم الأول لكون مدلوله أهم عنده، وجوز تعلق الثاني حذوف وقع حالًا من المفعول الآتي. وتقدم الكلام في لدن، والمراد أعطني من محض فضلك الواسع وقدرتك الباهرة بطريق الاختراع لا بواسطة الأسباب العادية، وقيل المراد أعطني من فضلك كيف شئت {وَلِيًّا} أي ولدًا من صلبي وهو الظاهر. ويؤيده قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عنه عليه السلام {قَالَ رَبّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيّبَةً} وقيل إنه عليه السلام طلب من يقوم مقامه ويرثه ولدًا كان أو غيره، وقيل: إنه عليه السلام أيس أن يولد له من امرأته فطلب من يرثه ويقوم مقامه من سائر الناس وكلا القولين لا يعول عليه. وزعم الزمخشري أن {مِن لَّدُنْكَ} تأكيد لكونه وليًا مرضيًا ولا يخفى ما فيه. وتأخير المفعول عن الجارين لإظهار كمال الاعتناء بكون الهبة له على ذلك الوجه البديع مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول بما بعده من الوصف فتأخيرها عن الكل وتوسيطهما بين الموصوف والصفة مما لا يليق بجزالة النظم الكريم، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن ما ذكره عليه السلام من كبر السن وضعف القوى وعقر المرأة موجب لانقطاع رجائه عليه السلام عن حصول الولد بتوسط الأسباب العادية واستيهابه على الوجه الخارق للعادة.
وقيل لأن ذلك موجب لانقطاع رجائه عن حصول الولد منها وهي في تلك الحال واستيهابه على الوجه الذي يشاؤه الله تعالى، وهو مبني على القول الثاني في المراد من {هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا} والأول أولى.
ولا يقدح فيما ذكر أن يكون هناك داع آخر إلى الإقبال على الدعاء من مشاهدته عليه السلام للخوارق الظاهرة في حق مريم كما يعرب عنه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38] الآية. وعدم ذكره هاهنا للتعويل على ما ذكر هنالك كما أن عدم ذكر مقدمة الدعاء هنالك للاكتفاء بذكرها هاهنا، والاكتفاء بما ذكر في موطن عما ترك في موطن آخر من السنن التنزيلية.
وقوله:

.تفسير الآية رقم (6):

{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}
{يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ} صفة لوليا كما هو المتبادر من الجمل الواقعة بعد النكرات، ويقال: ورثه وورث منه لغتان كما قيل، وقيل من للتبعيض لا للتعدية، وآل الرجل خاصته الذين يؤل إليه أمرهم للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين، ويعقوب على ما روى عن السدي هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم فإن زكريا من ولد هرون وهو من ولدي لاوي بن يعقوب وكان متزوجًا باخت مريم بنت عمران وهي من ولد سليمان بن داود عليهما السلام وهو من ولد يهوذ بن يعقوب أيضًا. وقال الكلبي: ومقاتل: هو يعقوب بن ماثان وأخوه عمران بن ماثان أبو مريم. وقيل: هو أخو زكريا عليه السلام والمراد من الوراثة في الموضعين العلم على ما قيل.
وقال الكلبي: كان بنو ماثان رؤس بني إسرائيل وملوكهم وكان زكريا عليه السلام رئيس الأحبار يومئذ فأراد أن يرثه ولده الحبورة ويرث من بني ماثان ملكهم فتكون الوراثة مختلفة في المضعين وأيد ذلك بعدم اختيار العطف على الضمير المنصوب والاكتفاء بيرث الأول، وقيل الوراثة الأولى وراثة التبوة والثانية وراثة الملك فتكون مختلفة أيضًا إلى أن قوله: {واجعله رَبّ رَضِيًّا} أي مرضيًا عندك قولًا وفعلًا، وقيل راضيًا والأول أنسب يكون على هذا تأكيدًا لأن النبي شأنه أن يكون كذبك، وعلى ما قلنا يكون دعاء بتوفيقه للعمل كما أن الأول متضمن للدعاء بتوفيقه للعلم فكأنه طلب أن يكون ولده عالمًا عاملًا، وقيل: المراد اجعله مرضيًا بين عبادك أي متبعًا فلا يكون هناك تأكيد مطلقًا، وتوسيط {رَبّ} بين مفعولي الجعل على سائر الأوجه للمبالغة في الاعتناء بشأن ما يستدعيه.
واختار السكاكي أن الجملتين مستأنفتان استئنافًا بيانيًا لأنه يرد أنه يلزم على الوصفية أن لا يكون قد وهب لزكريا عليه السلام من وصف لهلاك يحيى عليه السلام قبل هلاكه لقتل يحيى عليه السلام قبل قتله. وتعقب ذلك في الكشف بأنه مدفوع بأن الروايات متعارضة والأكثر على هلاك زكريا قبله عليهما السلام، ثم قال: وأما الجواب بأنه لا غضاضة في أن يستجاب للنبي بعض ما سأل دون بعض ألا ترى إلى دعوى نبينا صلى الله عليه وسلم في حق أمته حيث قال عليه الصلاة والسلام: «وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها» وإلى دعوة إبراهيم عليه السلام في حق أبيه فإنما يتم لو كان المحذور ذلك وإنما المحذور لزوم الخلف في خبره تعالى فقد قال سبحانه وتعالى في الأنبياء: {فاستجبنا لَهُ} [الأنبياء: 76، 84، 88، 90] وهو يدل على أنه عليه السلام أعطى ما سأل من غير تفرقة بين بعض وبعض وكذلك سياق الآيات الأخر.
ولك أن تستدل بظاهر هذه الآية على ضعف رواية من زعم أن يحيى هلك قبل أبيه عليهما السلام، وأما الايراد بأن ما اختير من الحمل على الاستئناف لا يدفع المحذور لأنه وصل معنوي فليس بشيء لأن الوصل ثابت ولكنه غير داخل في المسؤول لأنه بيان العلة الباعثة على السؤال ولا يلزم أن يكون علة السؤال مسؤلة انتهى.
وأجاب بعضهم بأنه حيث كان المراد من الوراثة هنا وراثة العلم لا يضر هلاكه قبل أبيه عليهما السلام لحصول الغرض وهو أخذ ذلك وإفاضته على الغير بحيث تبقى آثاره بعد زكريا عليه السلام زمانًا طويلًا ولا يخفى أن المعروف بقاء ذات الوارث بعد الموروث عنه.
وقرأ أبو عمرو. والكسائي. والزهري. والأعمش. وطلحة. واليزيدي. وابن عيسى الأصفهاني. وابن محيصن. وقتادة بجزم الفعلين على أنهما جواب الدعاء؛ والمعنى أن تهب لي ذلك يرثني إلخ، والمراد أنه كذلك في ظني ورجائي، وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. وابن عباس. وجعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهم والحسن. وابن يعمر. والجحدري. وأبو حرب بن أبي الأسود. وأبو نهيك {يَرِثُنِى} بالرفع {وأرث} فعلًا مضارعًا من ورث وخرج ذلك على أن المعنى يرثني العلم وأرث أنا به الملك من آل يعقوب وذلك بجعل وراثة الولي الملك وراثة لزكريا عليه السلام لأن رفعة الولد رفعة للوالد والواو لمطلق الجمع، وقال بعضهم: والواو للحال والجملة حال من أحد الضميرين، وقال صاحب اللوامح: فيه تقديم ومعناه فهب لي وليًا من آل يعقوب يرثني النبوة إن مت قبله وأرثه ماله إن مات قبلي وفيه ما ستعلمه إن شاء الله تعالى قريبًا، ونقل عن علي كرم الله تعالى وجهه. وجماعة أنهم قرأوا {يَرِثُنِى} برفع وأرث بزنة فاعل على أنه فاعل يرثني على طريقة التجريد كما قال أبو الفتح. وغيره أي يرثني ولي من ذلك الولي أو به فقد جرد من الولي وليًا كما تقول رأيت مه به أسدًا، وعن الجحدري أنه قرأ {وأرث} بإمالة الواو، وقرأ مجاهد {أَوْ} تصغير وارث وأصله وويرث بواوين الأولى فاء الكلمة الأصلية والثانية بدل ألف فاعل لأنها تقلب واوًا في التصغير كضويرب ولما وقعت الواو مضمومة قبل أخرى في أوله قلبت همزة كما تقرر في التصريف ونقل عنه أنه قال التصغير لصغيره فإنه عليه السلام تورث عنهم أموالهم لأن الوراثة حقيقية في وراثة المال ولا داعي إلى الصرف عن الحقيقة، وقد ذكر الجلال السيوطي في «الذر المنثور» عن ابن عباس. ومجاهد وعكرمة. وأبي صالح أنهم قالوا في الآية: يرثني مالي وأخرج عبد الرزاق. وعبد بن حميد. وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أنه صلى الله عليه وسلم قال في الآية: يرحم الله تعالى أخي زكريا ما كان عليه من ورثة وفي رواية ما كان عليه ممن يرث ماله، وقال بعضهم: إن الوراثة ظاهرة في ذلك ولا يجوز هاهنا حملها على وراثة النبوة لئلا يلغو قوله: {يَعْقُوبَ واجعله رَبّ رَضِيًّا} ولا على وراثة العلم لأنه كسبي والموروث حاصل بلا كسب.
ومذهب أهل السنة أن الأنبياء عليهم السلام لا يرثون مالًا ولا يورثون لماصح عندهم من الأخبار.
وقد جاء ذلك أيضًا من طريق الشيعة فقد روى الكليني في الكافي عن أبي البختري عن أبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ بحظ وافر، وكلمة إنما مفيدة للحصر قطعًا باعتراف الشيعة، والوراثة في الآية محمولة على ما سمعت ولا نسلم كونها حقيقة لغوية في وراثة المال بل هي حقيقة فيما يعم وراثة العلم والمنصب والمال وإنما صارت لغلبة الاستعمال في عرف الفقهاء مختصة بالمال كالمنقولات العرفية ولو سلمنا أنها مجاز في ذلك فهو مجاز متعارف مشهور خصوصًا في استعمال القرآن المجيد بحيث يساوي الحقيقة، ومن ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] وقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الكتاب} [الأعراف: 169] وقوله تعالى: {إِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ} [الشورى: 14] وقوله تعالى: {إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} [الأعراف: 128] {ولله ميراث السموات والأرض} [آل عمران: 180] قولهم لا داعي إلى الصرف عن الحقيقة قلنا: الداعي متحقق وهي صيانة قول المعصوم عن الكذب ودون تأويله خرط القتاد، والآثار الدالة على أنهم يورثون المال لا يعول عليها عند النقاد، وزعم البعض أنه لا يجوز حمل الوراثة هنا على وراثة النبوة لئلا يلغو قوله: {واجعله رَبّ رَضِيًّا} قد قدمنا ما يعلم منه ما فيه. وزعم أن كسبية الشيء تمنع من كونه موروثًا ليس بشيء فقد تعلقت الوراثة بما ليس بكسبي فـ يكلام الصادق، ومن ذلك أيضًا ما رواه الكليني في الكافي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: إن سليمان ورث داود وإن محمدًا صلى الله عليه وسلم ورث سليمان عليه السلام فإن وراثة النبي صلى الله عليه وسلم سليمان عليه السلام لا يتصور أن تكون وراثة غير العلم والنبوة ونحوهما، ومما يؤيد حمل الوراثة هنا على وراثة العلم ونحوه دون المال أنه ليس في الأنظار العالية والهمم العلياء للنفوس القدسية التي انقطعت من تعلقات هذا العالم المتغير الفاني واتصلت بالعالم الباقي ميل للمتاع الدنيوي قدر جناح بعوضة لاسيما جناب زكريا عليه السلام فإنه كان مشهورًا بكمال الانقطاع والتجرد فيستحيل عادة أن يخاف من وراثة المال والمتاع الذي ليس له في نظره العالي أدنى قدر أو يظهر من أجله الكلف والحزن والخوف ويستدعي من حضرة الحق سبحانه وتعالى ذلك النحو من الاستدعاء وهو يدل على كمال المحبة وتعلق القلب بالدنيا، وقالت الشيعة: إنه عليه السلام خاف أن يصرف بنو عمه ماله بعد موته فيما لا ينبغي فطلب لو الوارث المرضي لذلك، وفيه أن ذلك مما لا يخاف منه إذ الرجل إذا مات وانتقل ماله بالوراثة إلى آخر صار المال مال ذلك الآخر فصرفه على ذمته صوابًا أو خطأ ولا مؤاخذة على الميت من ذلك الصرف بل لا عتاب أيضًا مع أن دفع هذا الخوف كان ميسرًا له عليه السلام بأن يصرفه قبل موته ويتصدق به كله في سبيل الله تعالى ويترك بني عمه الأشرار خائبين لسوء أحوالهم وقبح أفعالهم.
وللأنبياء عليهم السلام عند الشيعة خبر بزمن موتهم وتخيير فيه فما كان له خوف موت الفجأة أيضًا فليس قصده عليه السلام من مسألة الولد سوى إجراء أحكام الله تعالى وترويج الشريعة وبقاء النبوة في أولاده فإن ذلك موجب لتضاعف الأجر إلى حيث شاء الله تعالى من الدهر، ومن أنصف لم يتوقف في قبول ذلك والله تعالى الهادي لأقوم المسالك.